في مقابل ذلك نجد أهل الكتاب يدعون الانتماء إلى إبراهيم عليه السلام, ومع ذلك يحصرون ورثة النبوة فيهم، وأن وعد الله تبارك وتعالى لهم وحدهم فقط، وأنه حتى الذبيح هو منهم، وكل ما جاء من فضل يجعلونه فقط في أبناء يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، ولا يجعلون لغيرهم أي ميزة ولا فضل ولا شأن ولا ذكر؛ تقرأ هذا الكتاب -
التوراة- من أوله إلى آخره فلا تكاد تجد إلا لماماً هاهنا أو هاهنا عندما يعترفون في شروحهم بأن أيوب عليه السلام لم يكن من بني إسرائيل وإنما كان من العرب, أو ما أشبه ذلك من إشارات، لكن الخلاصة والمحور كله هو حول بني إسرائيل فقط.وهناك انحرافات, وهناك تأويلات, وهناك إخلال بوعد الله وأوامره ونواهيه, وتحريف شرعه عظيم جداً فعله
اليهود ، وتنطق به
التوراة وينطق به أنبياؤهم الكرام في مواضع لا حصر لها كما قد تأتي الإشارة لذلك إن شاء الله تبارك وتعالى.إذاً: هاتان هما الأمتان؛ هاهنا قريش تدعي ما تدعي, و
اليهود يدعون ما يدعون؛ فيأتي أعظم رسل الله تبارك وتعالى، وسيد ولد آدم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ويأتي بهذا الدين العظيم, ويوحي الله تبارك وتعالى هذا القرآن العظيم وهذا الذكر الحكيم، ويصطفيه ويختاره من ناحية النسب, ومن ناحية البيان اللغوي أيضاً بهذا القرآن العظيم، ويأتي بالحق المطلق الذي لم يثبت لا العلم ولا التاريخ ولا ما تواتر في الأمم أن فيه خطأ واحداً على الإطلاق! وإنما ما كان من خطأ منسوب لهذه الأمة فهو مما ينقلونه عن أهل الكتاب من أخطاء أو من الأمم الأخرى، أما الوحي الثابت في الكتاب والأحاديث الصحيحة؛ فهذا حق مطلق لا لبس فيه بأي حال من الأحوال، ومن ذلك: المكانة العظيمة والمنزلة الرفيعة والرتبة السامية لإبراهيم الخليل عليه السلام التي لا نظير لها على الإطلاق.